معركة استعادة نقابة المحرّرين
لم تكن نقابة المحرّرين يومًا حامية للعاملات والعاملين في القطاع الإعلامي في لبنان. كانت صورة عن النظام، بوقًا له، حاملة خطابه، ومدافعة عنه. وهي صورة سعت السلطة إلى تكريسها خلال عهود من تدمير العمل النقابي في لبنان.
لم تكن نقابة المحرّرين يومًا حامية للعاملات والعاملين في القطاع الإعلامي في لبنان. كانت صورة عن النظام، بوقًا له، حاملة خطابه، ومدافعة عنه. وهي صورة سعت السلطة إلى تكريسها خلال عهود من تدمير العمل النقابي في لبنان.
أيّ تغيير جذري في واقع العمل النقابي غير ممكن الا إذا ترافق مع إصلاحات جدّية في قانون الإعلامبعد تقديم طلبات رسمية باسمي وباسم بعض المرشحين، حضرت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" LADE مُراقِبةً العملية الانتخابات بكلّ ما شابها من خروقات. وهو حضور حاولت النقابة ومجلسها التهرب منه بداية، ورضخت له على مضض في اللحظة الأخير. وقد قرّرنا مباشرة المتابعة القضائية والقانونية في مرحلة ما بعد الانتخابات، خلال مهلة قصيرة، وذلك تنفيذًا لأهداف الترشّح الأولى المتمثّلة بمعركة الإصلاحات التي أعلنّا عنها. ولأن الإصلاحات المطلوبة - التي ستخاض معركتها القانونية في المرحلة القادمة - لا تقتصر على النظام الداخلي للنقابة الذي يكرس النقيب سلطانًا بصلاحياته، مشرفًا على انتخابات يخوضها من دون أي هيئة رقابية محايدة، سنتابع العمل على مستويات مختلفة، أولها تنقية الجدول النقابي من الشوائب والمنتسبين الذين لا ينتمون للمهنة ولا يمارسونها. تضاف الى ما سبق معركة فتح باب الانتساب والجدول أمام العاملين في القطاع من دون استنسابية، بعيدًا عن المحاصصة، وتكريسًا لحق الصحافيين في الانتساب لنقابتهم. وهي معركة يجب أن تنتهي بأن يُفرض على النقابة البتّ بطلبات الانتساب وفق جدول زمني محدد، حيث لا يُربط حق دخول النقابة بمزاجية أعضاء المجالس ومصالحهم. علمًا بأن المعادلة هذه أفرغت النقابة من غالبية الصحافيين العاملين، وحوّلت حق الانتساب إلى منّة يتفاخر النقيب بتقديمها، متباهيًا بنتيجتها بقدرته على إدخال عدد من الصحافيين إلى النقابة كلّ عام، كما لو كان انتساب الصحافيين إلى نقابتهم مكرمة نقابية لا حق بديهي. لا يمكن إغفال حقيقة أن تحقيق أيّ تغيير جذري في واقع العمل النقابي غير ممكن الا إذا ترافق مع إصلاحات جدّية في قانون الإعلام، ومع إلغاء عقوبة سجن الصحافيين وتجاوز سطوة أصحاب الصحف على نقابة المحررين، حيث يرأس نقيب الصحافة الاتحاد الذي يبت بانتساب الصحافيين إلى نقابة المحررين، ويحق له أن يحيلهم إلى المجلس التأديبي واتخاذ إجراءات مسلكية تصل إلى حدّ الفصل من النقابة. لقد تغنّى أعضاء المجلس الجديد بفوزهم الساحق في نقابة تعاني من أزمة تمثيلية عميقة، ووقف في وجههم صحافيات وصحافيون اختاروا اليوم خوض معركة مفتوحة لاستعادة حقوقهم ونقابتهم، وهي معركة قد تطول، لكنّها انطلقت.