نطرح في ذكرى الحرب سؤالاً عن كيفية تحقيق عدالة انتقالية في لبنان، ووفق أي معايير. إذ نادراً ما شهدت دول حروباً، ثم عاشت انهياراً اقتصادياً رعته ميليشيات الحرب نفسها. فيما الدول التي عاشت انهياراً مماثلاً، لم تكن تعاني في الغالب من أوجاع حرب لم تلتئم بعد.
كانت بدايةً ثورة (أو شُبّهَت لهم)، وكانت “الحركة الوطنية مسيطرة على 80 في المئة من الأراضي اللبنانية”، ثم “اختلط الحابل بالنابل”، وانتهى الأمر بترسيم ملامح حربٍ “باردة”، سيتبيّن في ما بعد أنّها أشد فتكاً من القتال بالرصاص الحَي، كما أنّها ستحكم روتين الجمهورية الثانية.
انتهت الحرب باختفاء اليسار. اختفاؤه كان بإيراد بعض من شعاراته في مقدمة دستور ما بعد الحرب، دستور الطور الأكثر أوليغارشية وتبعية ورجعية في تاريخ لبنان، الجمهورية الثانية، الطور الأكثر افتقاداً لألفباء العقود الاجتماعية.
لم يكن اليسار السوري عموماً بالغائب عن الحراك، على الرغم من الطابع الشعبي غير الحزبي الذي غلب في المراحل السلمية الأولى، وشكّلت المراهنة على التصاعد التدريجي لنضالات السوريين وعلى نبذ السلاح والتدخّل الخارجي والطائفية محور سياسات اليسار الوطني الديمقراطي.
نشر موقع “الجمهورية.نت” رسالة مفتوحة، بعنوان “محو الناس عبر التضليل: سوريا و”أنتي إمبريالية” الحمقى”. من يدقّق في ما جاء في الرسالة ويقارنه بالوقائع، سيصدمه اكتشاف أنَّ أصحابها قد اخترعوا خصماً لا وجود يُذْكَر له في الواقع السوري.