نطرح في ذكرى الحرب سؤالاً عن كيفية تحقيق عدالة انتقالية في لبنان، ووفق أي معايير. إذ نادراً ما شهدت دول حروباً، ثم عاشت انهياراً اقتصادياً رعته ميليشيات الحرب نفسها. فيما الدول التي عاشت انهياراً مماثلاً، لم تكن تعاني في الغالب من أوجاع حرب لم تلتئم بعد.
أنا الابن الشرعي لحربٍ ذهب إليها جيلٌ كاملٌ ولم يعد منها، لحربٍ أعطت وعوداً كثيرة لم تفِ بها.
الخوف من نتائج الحرب على سلوكياتنا وتوزّعنا بين بالغ يهرب من الحرب عبر الغرق في الملذات الآنية من ملهى ومقهى، ومراهق لا يرى في البلوغ إلا شبقاً لدورة دماء جديدة.
كانت بدايةً ثورة (أو شُبّهَت لهم)، وكانت “الحركة الوطنية مسيطرة على 80 في المئة من الأراضي اللبنانية”، ثم “اختلط الحابل بالنابل”، وانتهى الأمر بترسيم ملامح حربٍ “باردة”، سيتبيّن في ما بعد أنّها أشد فتكاً من القتال بالرصاص الحَي، كما أنّها ستحكم روتين الجمهورية الثانية.
انتهت الحرب باختفاء اليسار. اختفاؤه كان بإيراد بعض من شعاراته في مقدمة دستور ما بعد الحرب، دستور الطور الأكثر أوليغارشية وتبعية ورجعية في تاريخ لبنان، الجمهورية الثانية، الطور الأكثر افتقاداً لألفباء العقود الاجتماعية.