زينة شاهين
(من ورشة لكتابة اللاجئات السوريات في ألمانيا)
في برلين مدينتي. أنتبه إلى أنّني أقول مدينتي بإضافة ياء ضمير المتكلّم المفرد، ضمير الملكيّة! ذلك لأنّني منذ أن أتيت إلى هذه المدينة لم أشعر بالغربة. بل شعرت أنّني جزء من مجتمعها، وأحد أفراد جنسيّاتها المختلفة.
في برلين، أزور متحفاً، لأوّل مرّة في حياتي!
تملّكني شعورٌ بالدهشة أمام ما شاهدت من آثار. كان شعوراً جديداً عليّ! في بلدي سوريا، لم تتح لي الفرصة للاطّلاع على الحضارة التيٍ أنتمي إليها.
أثناء زياراتنا لمتحفي الفنّ الإسلاميّ وتاريخ الشرق الأدنى القديم، عرفت أنّ مئات الأشخاص من مختلف أنحاء العالم كانوا قد قصدوا هذين المتحفين ليتعرّفوا ويطلّعوا على تراث حضارة عريقة أنتمي إليها. وفي متحف التاريخ الألمانيّ تعرّفت على ثقافة وحضارة شعب بنى بلداً عظيماً، برغم كلّ ما دمّرته الحرب فيه.
أتساءل كيف كانت ألمانيا قبل الحرب، وكيف دُمّرت. صور، لوحات، وثائق، وأدوات حرب، تسجّل ما حدث وتوثّقههذا البلد الذي احتضنني وآلاف اللاجئين الآخرين، أثار فضولي ورغبتي في معرفة المزيد عن تاريخه وإرثه المتنوّع، ورؤية الأثار المختلفة التي توثّق كلّ حقبة مرّت عليه. أتساءل كيف كانت ألمانيا قبل الحرب، وكيف دُمّرت. صور، لوحات، وثائق، وأدوات حرب، تسجّل ما حدث وتوثّقه. مدهش ما وصلت اليه هذه البلاد اليوم، بعد مضي أقلّ من قرن. مذهل ما فعله الشعب الألماني لإعادة بناء بلده، وخاصّة نساءه اللواتي كان لهنّ الدور الأكبر في إعادة الإعمار. النساء الألمانيّات جديرات بأن يكنّ قدوات، وخاصة لنساء البلدان التي دمّرتها الحروب ولا تزال تدمّرها. إنّهنّ قدوة لنا نحن النساء السوريّات. بعد جولة في متحف التاريخ الألمانيّ، أتساءل كم متحفاً سنحتاج في بلدي سوريا لتوثيق ما حدث، بعد ما يزيد عن سبع سنوات حرب. كيف لنا نحن جيل الشباب الاستفادة من تجربة الألمان؟ وكيف نتعلّم آليّات بناء أوطاننا التي دمّرتها الحروب؟ وكيف نعمل لتتسع هذه الأوطان للجميع، تطبّق القانون وتحكم بالديمقراطية والمساواة؟