فتيات يمنيات وحلمهن البسيط الذي يبدو مستحيلاً
التعليم في اليمن، وفقاً لأحدث تقارير "يونيسف"، هو أكبر ضحايا الصراع، حيث أن مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة خارج المدارس حالياً، وذلك لأسباب كثيرة منها الفقر والصراع وانعدام الفرص.
التعليم في اليمن، وفقاً لأحدث تقارير "يونيسف"، هو أكبر ضحايا الصراع، حيث أن مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة خارج المدارس حالياً، وذلك لأسباب كثيرة منها الفقر والصراع وانعدام الفرص.
تُسهم الأعراف القبلية التي تجبر البنات على الزواج المبكر، إضافة إلى الظروف المعيشية والاقتصادية التي فاقمتها الحرب، في مضاعفة عملية التسربتشير عفاف مكي، وهي مسؤولة قطاع المرأة في مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز، إلى تسرّب أعداد كبيرة من الفتيات من مدارسهن خلال الأربع السنوات الأخيرة من الحرب، أي منذ عام 2018، ليتجاوز عدد التسرب في الصفوف الأولى (من الصف الأول حتى الصف الخامس) نسبة 7.2% أي بواقع 1,538 طالبة، ومن الصف السادس حتى الصف الثامن تقلّ نسبة التسرب بين الفتيات لتصل إلى 4.6% أي بواقع 1,384 طالبة. ومن الصف التاسع حتى الصف الثاني ثانوي، ترتفع نسبة التسرب بشكل كبير لتصل إلى 11.2% بواقع 3,037 طالبة. ووفق مكي، تُسهم الأعراف القبلية التي تجبر البنات على الزواج المبكر، إضافة إلى الظروف المعيشية والاقتصادية التي فاقمتها الحرب، في مضاعفة عملية التسرب. تشير إحصائيات كانت قد صدرت عام 2008 عن وزارة التربية والتعليم، بعمل تعاوني بين الحكومة اليمنية والبنك الدولي، إلى أن نسبة التحاق الفتيات في المرحلة التعليمية الابتدائية بلغت 76% بينما وصلت النسبة عند الذكور إلى 94%. وكلما ارتفع المستوى التعليمي يتراجع عدد الإناث الملتحقات، ففي المرحلة الأساسية بلغت نسبة الإناث 42% لترتفع إلى 84% لدى الذكور، أما في المرحلة الثانوية، فقد بلغت نسبة التحاق الإناث بالتعليم 23% مقابل 43% لدى الذكور، وبالنسبة للتعليم الجامعي تقدّر نسبة الفتيات بـ5.7% مقابل 18% عند الذكور. وتكشف هذه الأرقام ليس فقط التمييز على أساس الجنس في التعليم، وإنما أيضاً عن نسب مرعبة للتسرّب من التعليم لدى الجنسين سببه الأوضاع السياسية والأمنية المتردية والحرب التي فتكت بكل حقوق الإنسان. وإذا انتقلنا إلى العام الحالي، يؤكد تقرير حديث لمنظمة "يونيسف" أن التعليم في اليمن هو أكبر ضحايا الصراع، مشيراً إلى أن مليوني فتاة وفتى في سن الدراسة خارج المدارس حالياً، عازياً ذلك لأسباب كثيرة منها الفقر والصراع وانعدام الفرص. مشكلة تسرب الفتيات من المدارس في اليمن تعد من أبرز القضايا المجتمعية ذات الأسباب المتعددة، ما يستدعي تكاثف الجهود بين الدولة والمجتمع لمعالجة هذه القضية التي تلقي بأثارها السلبية على المجتمع ككل، وتهدد مستقبل الأجيال القادمة. وفي هذا السياق، يشير مختصون حقوقيون إلى واجب الدولة في معالجة هذه القضية بدءاً من فرض التعليم الإلزامي، ووضع القوانين الناظمة لذلك، بالإضافة إلى تبني مجانية التعليم، بما يسهم في تذليل الصعوبات التي تعيق تعليم الفتيات. ولمزيد من الفعالية في هذا الإطار، يتحدث هؤلاء عن الدور المجتمعي الذي تتبناه منظمات المجتمع المدني، من خلال الأنشطة والبرامج التوعوية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وفي مقدمتها الحق بالتعليم والذي يعد واحداً من الحقوق الأساسية التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما أن الوضع الاقتصادي المتردي للدولة يُعد واحداً من أبرز التحديات التي تعيق تعليم الفتاة، والتي زادت من نسبة تسرب الفتيات اليمنيات من التعليم، وهو ما يستوجب على المنظمات الدولية أن تضع ضمن أولوياتها معالجة هذه القضية، عبر مساندة قطاع المرأة في وزارات التعليم، وتقديم الدعم لمدارس البنات ما يسهم في الحد من ظاهرة تسرّبهن. * أُنجزت هذه المادة في إطار برنامج تدريب يضم صحافيين من سوريا وفلسطين/غزة واليمن والسودان، من تنظيم "أوان" وبدعم من منظمة "دعم الإعلام الدولي International Media Support".