تحديثات الحرب على لبنان
نوثّق هنا المحطات المفصلية للحرب الإسرائيلية على لبنان، ونقدّم أرقامًا وبيانات تُظهر تبعات هذه الحرب. نعمل على تعزيز هذه البيانات عبر رسوم بيانية ومحتوى بصري وخرائط تفاعلية، حتى نرسم سياقًا أوضح للأحداث.
نوثّق هنا المحطات المفصلية للحرب الإسرائيلية على لبنان، ونقدّم أرقامًا وبيانات تُظهر تبعات هذه الحرب. نعمل على تعزيز هذه البيانات عبر رسوم بيانية ومحتوى بصري وخرائط تفاعلية، حتى نرسم سياقًا أوضح للأحداث.
(آخر تحديث للأرقام: 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2024)
في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" حيز التنفيذ، بعد تقديم واشنطن مقترحًا ينصّ على إنهاء الأعمال القتالية التي استمرّت لأكثر من عام.
وينصّ الاتفاق أيضًا على انسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من الأراضي اللبنانية خلال مهلة لا تتعدّى الـ 60 يومًا، في مقابل انسحاب "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومترًا عن الحدود (باستثناء الناحية الجنوبية الشرقية من الحدود ـــ انظر هنا) ونشر الجيش اللبناني نحو 10 آلاف جندي جنوب الليطاني، بما في ذلك في 33 موقعًا على الحدود.
كيف توسّعت الحرب على لبنان وصولًا إلى هذه النقطة؟
بين 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ومنتصف أيلول/سبتمبر 2024، كان الاشتباك بين "حزب الله" وإسرائيل مضبوطًا إلى حدّ ما، تخرقه بعض العمليات الإسرائيلية المتجاوزة لـ"قواعد الاشتباك" بين الطرفين.
في مطلع أيلول/سبتمبر 2024، برزت مبادرة أميركية ــــ فرنسية لتأمين وقفٍ مؤقّتٍ لإطلاق النار. فجأة، أقدمت إسرائيل على توسيع حربها على لبنان عبر سلسلة من الخطوات، بدءًا من تفجيرات "البيجر" واللاسلكي، مرورًا بغارات جويّة في 23 أيلول/سبتمبر كانت الأكثر كثافة في يوم واحد في تاريخ الجيش الإسرائيلي، وصولًا إلى اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وما تلا ذلك من استهدافات عنيفة للضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع وسائر المناطق، فضلًا عن توغّلات برّية في جنوب لبنان.
في موازاة هذه التطورات، برزت فاتورة إنسانية نبرزها في ما يلي استنادًا إلى مصادر رسمية لبنانية ومنظمات دولية.
في اليومين الأوّلين فقط من الاستهداف الإسرائيلي الموسّع والمكثّف للبنان، بلغ عدد الضحايا 689 شخصًا (بينهم أكثر من 50 طفلًا) والمصابين 3,443 شخصًا. مثّل هذا ـــــ على سبيل المقارنة ـــــ أكثر من نصف العدد الإجمالي لضحايا حرب تموز/يوليو 2006 التي استمرت 33 يومًا.
ومع استمرار القصف تزايدت أعداد الضحايا، وكان بينهم نازحون في مناطق بعيدة عن الجنوب والبقاع والضاحية، أي "مُحيّدة" نظريًا عن الاستهداف. ومع انتهاء الشهر الثاني على بدء التصعيد، كان عدد ضحايا الأطفال قد بلغ أكثر من 200.
استهدفت إسرائيل مؤسسات القطاع الصحي اللبناني توازيًا مع ترويجها دعاية استخدام المستشفيات ومراكز الإسعاف وفرقه لـ"أغراض إرهابية".
في أول أسبوع من تشرين الأول/أكتوبر، استهدف الجيش إسرائيلي 28 مسعفًا في مناطق مختلفة خلال دوام عملهم خلال 24 ساعة فقط. وخلال شهر واحد من الاستهداف الموسّع، نفّذ 156 اعتداء على فرق الإسعاف، بحسب بيانات وزارة الصحة.
وقد تسبّب القصف الإسرائيلي بإغلاق عدد كبير من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وهو ما عرقل أعمال الإغاثة، ومنع عددًا كبيرًا من الناس من الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
اتخذت الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان شكل غارات نفّذتها طائرات حربية ومسيّرة بالإضافة إلى قصف مدفعي. وتخلّل ذلك إلقاء قنابل فوسفوريّة طالت قرى حدوديّة بالإضافة إلى اعتداءات على بعض القرى والمدن البعيدة عن الحدود.
وقد وثّقت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته في حزيران/يونيو 2024 استخدام إسرائيل مادة الفوسفور الأبيض في 17 بلدة لبنانية، بينها خمسة مواقع مأهولة بالسكان على الأقل، بما ينتهك المعاهدات والاتفاقيات الدولية (انظر هنا).
بدءًا من 23 أيلول/سبتمبر، ازدادت وتيرة الاعتداءات ومساحاتها لتشمل مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت بشكل خاص، فضلًا عن بعض القرى في جبل لبنان وشماله.
مع إطلاق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2024، أقدم على تفخيخ أحياءٍ ونسفها على طول الحدود بعد أشهرٍ من قصفها من الجو والبر.
وقدّر تحليل لصور الأقمار الصناعية ـــــ نشرته صحيفة The Washington Post في 31 تشرين الأول/أكتوبر ـــــ تعرّض نحو ربع المباني في 25 قرية حدودية للضرر أو التدمير الكلي. وقد نُشرت لاحقًا تقارير وفيديوهات تُظهر عمليات هدم إضافية لمواقع مدنية ودينية.
نعرض أدناه نماذج لأربع قرى، هي رامية وعيتا الشعب ومحيبيب وكفركلا، كما تُظهرها صور الأقمار الصناعية قبل أعمال القصف والتفجير وبعدها.
كانت الإبادة السكنية (domicide) من سمات العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. وقد استهدفت مناطق حدودية بداية، قبل أن تنسحب على أحياء سكنية في مدن جنوبية كصور والنبطية، وبقاعية كبعلبك، فضلًا عن الضاحية الجنوبية لبيروت.
في القانون الدولي نصوص واضحة لجهة اعتبار هذا النوع من التدمير الممنهج جريمة حرب، وَلَو أنه لم يُحل إلى هذا المصطلح على وجه التحديد.
والإبادة السكنية (التي ارتُكبت في غزة على نحو أوسع نطاقًا) تهدف لا إلى جعل الأمكنة غير قابلة للسكن في المدى المنظور فحسب، بل إلى محو الذاكرة الجمعية لسكان هذه الأمكنة أيضًا.
نقلت صحيفة Times of Israel عن ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي، في عددها الصادر يوم 24 أيلول/سبتمبر، قولَه إن الغارات الجوية التي نُفّذت في 23 أيلول كانت الأكثر كثافة في تاريخ الجيش الإسرائيلي. إذ تعرّض ــــ وفقًا لبيانات الجيش ــــ أكثر من 1,600 موقع للقصف في يوم واحد. وقد أقرّ جيش الاحتلال بأن غالبية المواقع المستهدفة في جنوب لبنان والبقاع هي عبارة عن منازل مدنية، لكنّه زعم أنها كانت "تُستخدم لتخزين الأسلحة".
أما صحيفة Financial Times، فنشرت تقريرًا مفصلًا في 25 أيلول/سبتمبر، أوردت فيه مقارنة بين ذروة القصف على لبنان في 23 أيلول، وبين القصف على غزة خلال الأسابيع الخمسة الأولى من الحرب، عام 2023، والقصف على لبنان في حرب تموز 2006 (انظر أدناه).
منذ مباشرة الجيش الإسرائيلي عملياته البرية مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2024، تعرّضت القوّة المؤقّتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، في أكثر من موقع، لاعتداءات مباشرة وغير مباشرة، ما أسفر عن إصابة عدد من عناصر "يونيفيل" وتضرّر مقرّاتها.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد دعا الأمم المتحدة، مرارًا، لسحب قوّاتها من لبنان بحجّة استخدامها كـ"دروع بشرية"، في حين قرّرت الأخيرة إبقاءهم في مواقعهم.
في المقابل، احتجّ عدد من مسؤولي الدول المشاركة في قوات "يونفيل" وطالبوا الجانب الإسرائيلي بـ"إيضاحات". فوصف رئيس الحكومة الإيرلندية سيمون هاريس الاعتداءات الإسرائيلية بـ"الخرق للقانون الدولي"، واعتبر وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتّو أن إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الكتيبة الإيطالية العاملة في إطار القوات الدولية جريمة حرب محتملة.
استهدف الجيش الإسرائيلي، بشكل مباشر، صحفيين وعاملين في مجال الإعلام منذ الأسبوع الأوّل للحرب، على الحدود الجنوبية. وقد خلُص تحقيق أجرته وكالة "رويترز" إلى أن الاستهداف الأول للصحفيين في هذه الحرب، والذي راح ضحيته مصوّرها عصام عبدالله وجُرح معه كل من كريستينا عاصي من "وكالة الصحافة الفرنسيّة"، وكارمن جوخدار وإيلي براخيا من "الجزيرة"، ومحمد حسن من وكالة "تسنيم"، حصل عن طريق قذيفة دبابة إسرائيلية.
أما قوات "يونيفيل" الدولية العاملة في جنوب لبنان، فخلُص تحقيقها في الجريمة إلى أن الاستهداف طال صحفيين "يمكن تمييزهم بوضوح" (ما يؤشر إلى توافر عنصر القصد). وفي ثلاثة تحقيقات إضافية منفصلة أجرتها كل من "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" ومنظمة "آير وورز" (Airwars)، وُصف الهجوم بـ"المتعمّد" وبـ "جريمة الحرب".
وعلى مدار أكثر من عام، قتل الجيش الإسرائيلي صحفيين آخرين وأصاب زملاء لهم في مناطق مختلفة داخل لبنان. وقد شمل الاستهداف أماكن مخصّصة للصحفيين يتواجد فيها عاملون في وكالات أنباء ووسائل إعلام محلية ودولية.
شهد لبنان أكبر موجة نزوح منذ عقود بحسب "اليونيسيف"، تفاقمت حدّتها مع توجيه الجيش الإسرائيلي، بدءًا من 23 أيلول/سبتمبر، عشرات آلاف الرسائل النصيّة والاتصالات الهاتفية التي تدعو سكان مدن وقرى في الجنوب والبقاع وأحياء الضاحية الجنوبية لبيروت للإخلاء.
وتوزّع النزوح الداخلي على أكثر من ألف مركز إيواء أنشأتها الدولة اللبنانيّة في مدارس رسمية ومبانٍ تابعة للجامعة اللبنانية في مختلف المحافظات. وقد سجّلت محافظتا جبل لبنان وبيروت أعلى نسبة تواجد للنازحين (نحو ثلثي عدد النازحين).
ومع نهاية الشهر الأول من الحرب الموسّعة على لبنان، قدّر رئيس "اللجنة الوطنية للطوارئ"، وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، تكلفة الحاجات الأساسية للنازحين بـ250 مليون دولار شهريًا، موضحًا أن 20% من هذه الحاجات جرى تأمينه فقط.
منذ توسيع إسرائيل ضرباتها على لبنان، شهدت المعابر الحدودية الستّة كثافةً في النزوح السوري واللبناني إلى سوريا، حيث سجّل الأمن العام اللبناني عبور نحو 375 ألف لبناني وسوري خلال الأيام العشرة التالية لـ 23 أيلول/سبتمبر فقط، وهو اليوم الذي أغارت فيه إسرائيل على طريق المصنع الحدودي ــــ أكبر المعابر الستة ــــ في منطقة البقاع.
أدّت هذه الغارة إلى قطع الطريق الرئيسيّ للمعبر، ما اضطر عددًا كبيرًا من النازحين إلى تجاوز الحدود سيرًا على الأقدام. كما أثّر ذلك على حركة النزوح، حيث تراجعت لتسجّل عبور نحو 81 ألف لبناني وسوري، بين 4 و15 تشرين الأوّل/أكتوبر.
وقد وسّعت إسرائيل قصفها للمعابر الحدودية، فأخرجت ثلاثة منها عن العمل كليًّا قبل نهاية تشرين الأوّل/أكتوبر، وبرّرت الأمر بأن المعابر تُستخدم لنقل الأسلحة إلى "حزب الله". ثمّ، في 26 تشرين الأوّل/أكتوبر، أي قبل يوم واحد من وقف الأعمال القتالية، استهدفت الضربات الإسرائيلية المعابر الحدودية الثلاثة المتبقّية بين شمال لبنان وسوريا.
يُذكر أنّ المعابر الحدودية مع سوريا استُخدمت أيضًا للعبور إلى العراق. وقد أشارت بيانات الأمم المتحدة إلى وصول 20,206 شخصًا إلى العراق بين 27 أيلول/سبتمبر و19 تشرين الثاني/نوفمبر، غالبيتهم من اللبنانيين، وذلك عبر معبر القائم.